الخميس، 13 مايو 2010

الكنيسة السريانية في القرن العشرين . بقلم: الربان متى

الكنيسة السريانية في القرن العشرين. بقلم: الربان متى

نشرت بواسطة: Admin في تصنيف البحوث

الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في القرن العشرين

بقلم الأب الربان متى الخوري

السكرتير البطريركي

تقف كنيستنا اليوم على مفرق طريقين، وعليها أن تختار أحدهما، فإما أن تعود إلى ينابيعها الأصيلة، فتتمسك بتقاليدها القديمة الشريفة، وتبقى مستمرة بممارسة الفضائل السامية التي تحلى بها آباؤنا الميامين، أو أن تتبع النظريات الجديدة التي تحاول هدم أركان ملكوت الله، وبلبلة الوضع الإلهي في تدبير الكنيسة. لقد اخترنا والحمد لله أن نرفض كل نظرية غريبة وبعيدة عن تراثنا وتاريخ كنيستنا المجيد، ولا نقبل أبداً تشويه هويتنا، وإفساد تراثنا الحضاري النفيس، وإن إيماننا المتين بأن الكنيسة التي أسسها الرب يسوع على صخرة الإيمان الصلدة الثابتة، لن تتزعزع أبداً، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها»[1].

متبنياً هذه الكلمات التي سطرها قداسة سيدنا البطريرك العلامة مار إغناطيوس زكا الأول عيواص الكلي الطوبى يسرني أن نبدأ البحث حول «الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في القرن العشرين»:

أولاً ـ موجز تاريخ الكنيسة السريانية في القرن العشرين:

دخلت الكنيسة السريانية القرن العشرين وهي تعاني آلاماً مبرحة من جراء مخلفات القرن الماضي لمِا لاقته من الأتراك والأكراد، لتواجه أيضاً الحرب العالمية الأولى التي عُدَّت من أعظم الكوارث في زمانها، وقد دامت أربع سنوات ألحقت بالناس خسائر فادحة، فسفك دم أكثر من مائة ألف سرياني، وهدمت الكنائس والأديرة، فضلاً عن الذين هربوا، وأسفاً على الذين جحدوا. وعلى أثر انتهاء الحرب بعد معاهدة سيفر أحدث نظام «الانتداب» بعض التغيرات في خارطة الكنيسة، فبدأت الهجرة من ماردين وخربوت إلى أنحاء سورية ولبنان، وفيما بعد هاجر أيضاً الرهاويون إلى حلب.

وجاء عام 1926 الذي دعي «عصر الاستشهاد»[2] فذهب ضحية الحركة الكردية في قرى طورعبدين رجالاً ونساء وشيوخاً وأطفال، وأبيدت قرى سريانية بكاملها بكنائسها وأديرتها، وهاجر عدد كبير من آزخ وإسفس وماردين وغيرها إلى دول الجوار.

كنسياً قد دخلت الكنيسة السريانية قرنها العشرين على عهد البطريرك مار إغناطيوس عبد المسيح الثاني القلعتمراوي (1895ـ 1905)، الذي اهتم بحماية أبنائه من الاضطهادات وأعاد جمعاً غفيراً في مديات إلى الكنيسة بعدما مرقوا إلى كنيسة روما. وبسبب مرضه العقلي عزله المجمع عام 1905، وسافر إلى الهند وخَدعه بعض المطارنة المتمرّدين فرَسم أحدهم مفرياناً عام 1912 وكان ذلك سبباً في إحداث مشكلة كبيرة لمَّا تنتهي الكنيسة بعد من حلِّها.

وخلفه البطريرك إغناطيوس عبد الله الثاني صطوف (1906ـ 1915) الذي سعى إلى جلب مطبعتين إلى دير الزعفران، والتجأ إلى الفرقة المنفصلة فترة من الزمن ثم عاد إلى الكنيسة.

ولما جلس البطريرك القديس مار إغناطيوس إلياس الثالث (1917ـ 1932)كانت الحرب العالمية تشتعل اشتعالاً، لكنه ما لبث أن عاش تحت ظلِّ الحكومات العربية والوطنية، وفي عام 1922 زار أنقرة وقابل مصطفى كمال باشا رئيس الجمهورية التركية وحضر افتتاح المجلس الوطني الكبير، ومن جل أعماله: تعزيز الأوقاف في الكنيسة، وفكّر أن يبتاع قطعة أرض بين القدس وبيت لحم لتشييد مدرسة إكليريكية، وعقد مجمعاً هاماً في دير مار متى 1931، واستأنف اصدار مجلة الحكمة في القدس، وختم جهاده الرسولي بالسفر إلى الهند لازالة الخلاف الشديد الذي كان قائماً بين صفوف أبنائها وفيها توفي عام 1932.

وفي عام 1933 يتربع على عرش أنطاكية البطريرك مار إغناطيوس أفرام الأول برصوم، وإذ لم يستطع دخول الأراضي التركية إلى دير الزعفران مقر الكرسي الرسولي الأنطاكي نقله مؤقتاً إلى حمص، وفي عهده عادت الكنيسة إلى جهادها الأدبي، وكان قد حضر مؤتمر السلام في باريس 1919 لطرح موضوع الكنيسة السريانية نظراً لما منيت من خسائر فادحة جراء الحرب العالمية، وأغاث السريان النازحين إلى سورية ولبنان من تركيا سيما الموجة الرهاوية 1924 الذين جاءوا إلى حلب، ولا ننسى أنه أسس المدرسة الإكليركية الأفرامية في زحلة عام 1939، وأعاد تنظيم حياة الكنيسة والكهنة، واعتبر «رجل النهضة والاصلاح في القرن العشرين»، وجال دول أوروبا بحثاً عن الكنوز السريانية في المتاحف الغربية، ومن مآثره: اكتشافه زنار السيدة العذراء في حمص عام 1953. وأنطفأت شعلة حياته عام 1957.

خلفه البطريرك مار إغناطيوس يعقوب الثالث (1957ـ 1980) الذي نقل الكرسي الرسولي بقرار مجمعي إلى العاصمة السورية دمشق، واهتم بالعمران والبناء بالاضافة إلى التأليف والكتابة، وقام بزيارات رسولية إلى المهجر وأماكن إنتشار السريان في العالم. وفي عهده أعيدت رتبة المفريانية إلى الهند بسلطة محددة.

في الستينات والسبعينات بدأ العديد من السريان بالهجرة الثانية لاسيما من تركيا ولبنان إلى أوروبا بحثاً عن العمل.


وفي 14 أيلول 1980، نصّب قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص فشمر عن ساعد الجد والعمل، وكل همه أن يعيد للسريان أمجادهم، فطفق أولاً بتفقد أبناءه في كل مكان في العالم، ومدّ يد السلام والتعاون ليكون أهم شخصية تدعو إلى وحدة الكنيسة في القرن العشرين، فضلاً عن اهتمام قداسته بالناحية الروحية فأسس مراكز التربية الدينية، وشيّد بناء جديداً لكلية مار أفرام السرياني اللاهوتية، وأعد كادراً متعلماً ومهذباً من المطارنة والرهبان والكهنة وأسس رهبانية مار يعقوب البرادعي للعذارى، وعقد الكثير من المجامع المقدسة للبحث في شؤون الكنيسة، واهتم بردء الصدع القائم في الهند. كما امتاز عهده بالانفتاح والحوار مع المسلمين وبقية أديان العالم. وله مؤلفات لاهوتية وعقائدية وآبائية ترجمت إلى لغات مختلفة، واشتهر عنه محبته للكرازة والوعظ.

ثانياً ـ مميزات الكنيسة السريانية في القرن العشرين:

1ـ كنيسة القديسين: لم تبخل الكنيسة المقدسة في أي عصر من عصورها بأن تقدم أبناءها شهداءً كرائحة للمسيح زكية، وظهرت قداسة الكنيسة من خلال إيمانها المتين بالله فخصها له المجد بالكثير من الآيات والمعجزات، فحتى لو اختلفت العصور والأزمان تبقى الكنيسة المقدسة ثابتة إلى الأبد، ونوجز رحلة القداسة والقديسين في القرن العشرين على النحو التالي وبحسب ترتيبها الزمني:

أ ـ اكتشاف ظهور أطياف القديسة شموني المكابية وأولادها السبعة في قره قوش ـ الموصل العراق عام 1897 ولا تزال الأطياف تظهر حتى اليوم.

ب ـ اكتشاف زنار القديسة مريم العذراء في كنيسة أم الزنار بحمص عام 1953م، على يد المثلث الرحمات البطريرك مار إغناطيوس أفرام الأول برصوم.

ج ـ اكتشاف ذخائر القديس مار توما الرسول في كنيسة مار توما بالموصل أثناء ترميمها سنة 1964 على يد المطران سويريوس زكا عيواص مطران الموصل[3] (قداسة سيدنا البطريرك حالياً).

د ـ ظهور طيف القديس مار متى الناسك[4] في ديره العامر بالقرب من الموصل، في عهد المطران سويريوس زكا عيواص عام 1966.

هـ ـ إعلان قداسة البطريرك مار إغناطيوس إلياس الثالث، وقداسة المفريان مار باسيليوس يلدو. والقديس غريغوريوس مطران بارومالا، والقديس مار غريغوريوس عبد الجليل، والقديس مار أوسطاثيوس صليبا[5]، وقد أعلن تطويبهم وقداستهم، قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص الكلي الطوبى.

2ـ كنيسة الإيمان والطقوس:

بعدما فرغت الكنيسة المقدسة من تضميد جروحاتها، وتزامناً مع النهضة العلمية والثقافية التي بدأت تشهدها الكنيسة منذ الربع الثاني من القرن العشرين، فكان لابدّ من تقدم أيضاً على الصعيد الإيماني والطقسي، حيث أعاد الآباء صياغة القوانين الكنسية فيما يتناسب مع واقع المؤمنين، فعقدت لهذا الغرض الكثير من المجامع التي اهتمت بوضع دستوراً للكنيسة وقانوناً للأحوال الشخصية وغيرها، وتجدر هنا الإشارة إلى أهم ما صيغ:

1ـ أصدر البطريرك إلياس الثالث منشوراً عام 1930م يسمح فيه تناول الأسماك أثناء الصوم.

2ـ تفسيح أصوام الميلاد والعذراء والرسل عام 1946.

3ـ تبديل الاحتفال بعيد ميلاد الرب من الحساب الشرقي إلى الحساب الغربي عام 1954.

4ـ أصدر البطريرك يعقوب الثالث منشوراً عام 1966 فسح فيه إقامة الولائم والأعراس والعماد والقداس والتذكارات في جميع أيام الصوم الأربعيني التي تتوسط الأسبوعين الأول والأخير منه[6].

وفي هذا الصدد نذكر اهتمام الآباء بطباعة الكثير من الكتب الطقسية ككتاب القداس والعماد والإكليل والجناز والإشحيم والبيث كاز، بعد تنقيحها وتحقيقها من أهم المخطوطات وأدقها، وقد بذل البطريرك أفرام الأول برصوم جهداً بترجمة الكثير من الطقوس والصلوات إلى اللغة العربية.

3ـ كنيسة الرهبانية:

1ـ تأسيس اكليريكية مار أفرام اللاهوتية عام 1939: كانت المرحلة الأولى على عهد البطريرك أفرام الأول برصوم حيث خصص لها مبنى في مدينة زحلة ـ لبنان، وافتتحها بموجب مرسوم جمهوري صادر عن الجمهورية اللبنانية، ولأسباب اقتصادية نقلت إلى مدينة الموصل سنة 1946، وبأمر من البطريرك يعقوب الثالث نقلت إلى زحلة ثانيةً عام 1962، ثم إلى العطشانة عام 1968 واستمرت الإكليريكية فيها حتى عام 1982 انقطعت فيها الدراسة لأعوام إثر الحوادث التي جرت في لبنان. وفي المجمع المقدس الذي عقد برئاسة قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عام 1981 تدارس المجتمعون أوضاع المعهد الكهنوتي واتخذ قراراً بنقلها إلى دار البطريركية في دمشق، إلى أن أعدّ قداسة سيدنا البطريرك مبنى جديداً واسعاً لكلية مار أفرام السرياني اللاهوتية في معرة صيدنايا بالقرب من دمشق، وسعى قداسته جاهداً إلى رفع مستوى التعليم فيها إلى أن باتت تفوق معظم كليات اللاهوت في الشرق الأوسط.

وبكل افتخار نذكر من ساعد أيضاً في اليقظة الأدبية السريانية في الإكليريكيات والمعاهد الكهنوتية، كإكليريكية دير الزعفران 1911م، ودير مار متى 1923م، ودير مار مرقس 1928م، ودير مار كبرئيل 1955م[7].

وجديراً بنا أن نشير إلى أنه على أثر النهضة الروحية والعلمية التي نهضتها الكنيسة المقدسة على عهد قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول فقد تميزت هذه الفترة عن غيرها بازدياد عدد الرهبان المثقفين، من خلال دعوة قداسته الشبان إلى الحياة الرهبانية والانخراط في سلك الكهنوت المقدس، وبكل حق وجدارة سيطلق التاريخ على قداسة سيدنا البطريرك زكا «باعث الحياة الرهبانية في القرن العشرين»[8].

2ـ تأسيس رهبانية مار يعقوب البرادعي للعذارى: من الأعمال الرسولية التي حقّقها قداسة سيدنا البطريرك أعانه الله وألهمه أن يؤسس رهبانيّة للعذارى في 25 آذار 1990 سمّاها «رهبنة مار يعقوب البرادعي للعذارى»[9].

3ـ تأسيس مراكز التربية الدينية: في أول مجمع مقدس دعا إليه قداسة سيدنا البطريرك عام 1981 اتّخذ قراراً بالإجماع بإنشاء «مراكز التربية الدينية» في الأبرشيات السريانية كافةً، لتدريس الكتاب المقدس والتعاليم المسيحية، واللغة السريانية، والعقيدة الأرثوذكسية والتقليد الرسولي والآبائي. ولدعم مراكز التربية الدينية عُقدت حلقات دراسية لاهوتية لخدام مراكز التربية الدينية ابتدأت منذ عام 1991 ولا تزال[10].

4ـ كنيسة العلم والمعرفة:

تعتبر هذه الفترة من تاريخ السريانية، مرحلة ازدهار، وغزارة في الانتاج الفكري والأدبي، لا بل تجاوزاً للتقليد وتجير الفكر الحر، وفي موقفنا هذا يمكن أن نستعرض بعض الأسماء بحسب زمانها، الشماس نعوم فائق 1930، القس يعقوب ساكا 1931، الأرخدياقون نعمة الله دنو 1951، البطريرك أفرام الأول برصوم 1957، المطران بولس بهنام 1969، المطران يوحنا دولباني 1969، البطريرك يعقوب الثالث 1980، الأستاذ عبد المسيح قره باشي 1983، البطريرك زكا الأول الجالس سعيداً.

ولابدّ لنا أن نشير إلى دور الصحافة في إنعاش الحياة الروحية والعلمية، فهي لون حضاري يرفع من شأن السريان والسريانية، وأشهر المجلات التي ظهرت في الوطن والمهجر على حد سواء: كوكب الشرق 1910، وما بين النهرين 1916، ولسان الأمة 1930، والجامعة السريانية 1934، المجلة البطريركية في القدس 1933، المشرق 1946. ومن المجلات التي لتزال تصدر حتى اليوم المجلة البطريركية في دمشق 1962، ومجلة الحكمة المقدسية.

5ـ كنيسة مسكونية:

اهتم آباء الكنيسة منذ العصور القديمة باعادة الوحدة إلى صفوف الكنيسة المقدسة ووضع الخلافات العقائدية جانباً والاهتمام برعاية المؤمنين الذين يشكلون جسد السيد المسيح السري، ويمكن أن نورد في هذه العجالة أهم الأحداث المسكونية التي شهدتها الكنيسة:

ـ مؤتمر أوروبا للإيمان والنظام 1912.

ـ المؤتمر الثاني للإنجيلين 1927. الذي حضره البطريرك أفرام الأول برصوم[11]، بحثوا فيه تقريب وجهات النظر العقائدية.

ـ سنة 1948 تأسس مجلس الكنائس العالمي، وانتسبت إليه الكنيسة السريانية عام 1960.

ـ اجتماع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية (السريان والأقباط والأرمن) الذي التئم من 15 ـ 21 كانون الثاني 1965 في أديس أبابا، وقد أتاح للكنيستين السريانية والقبطية توطيد العلاقات التاريخية وتجديد وسائل التعاون بين أبناء العقيدة الواحدة، والذي نتج عنه مجمع التعاون بين البطريرك مار إغناطيوس يعقوب الثالث، والبابا كيرلس السادس عام 1965 وفيه تقرر إعادة تبادل رسائل شركة الإيمان ويمين الشركة. وأن يُذكر اسم البطريرك الأنطاكي بعد اسم البطريرك الإسكندري في الكنائس القبطية في العالم، وأن يذكر اسم البطريرك الإسكندري بعد اسم البطريرك السرياني في الكنائس السريانية الأرثوذكسية في العالم.

ـ الحوار مع الكنيسة الأرثوذكسية: الذي بدأ أولاً عن طريق مجلس الكنائس العالمي من خلال ثلاث اجتماعات رئيسية وهي: (أروس ـ الدانمارك في آب 1964، برستول ـ إنكلترا في حزيران 1967، جنيف ـ سويسرا في آب 1970) [12].

ـ الحوار مع الكنائس الإنجيلية: بدأت العلاقات قديماً منذ زيارة البطريرك مار إغناطيوس بطرس الرابع إلى إنكلترا ثم عن طريق مجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط.

ـ الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية: أولاً بانتداب البطريرك يعقوب الثالث الأب زكا عيواص (قداسة سيدنا البطريرك)، الذي شارك في الدورتين الأولى والثانية، وقابل قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين، وكذلك قابل البابا بولس السادس في روما 1963. وبعد المجمع الفاتيكاني الثاني عقدت جمعية بروأرينتي اجتماعات لاهوتية عديدة للاهوتيين من الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية، ولاهوتيين كاثوليك. ولا يفوتنا أن نذكر اللقاءان التاريخيان بين بابا روما وبطريرك أنطاكية السرياني، كان ذلك أولاً سنة 1971م عندما زار البطريرك يعقوب الثالث لحاضرة الفاتيكان على عهد البابا بولس السادس. أما اللقاء الثاني كان سنة 1984م عندما زار قداسة سيدنا البطريرك للفاتيكان على عهد البابا يوحنا بولس الثاني. وردّ قداسة البابا الزيارة إلى قداسة البطريرك في مقر بطريركية السريان الأرثوذكس في باب توما ـ دمشق، سورية في شهر أيار سنة 2001م.

ثالثاً ـ بعض المعوقات التي واجهتها الكنيسة السريانية في القرن العشرين:

1ـ مجازر السريان.

تحدثنا فيما سبق عن المآسي التي تعرضت لها الكنيسة المقدسة من قبل الأتراك والأكراد والحرب العالمية الأولى والخسائر الفادحة التي ألمت بها.

2ـ الهجرة.

نتيجة للمجازر والكوراث التي حلت بالمنطقة منذ بداية القرن العشرين، بالاضافة إلى تردي الأوضاع المادية والاقتصادية لم يجد أبناء الكنيسة حلاً سوى هجر البلاد بحثاً عن الأمان والمعيشة، فانتقلت أغلب العائلات إلى منطقة الجزيرة السورية، وإلى الموصل وسنجار في العراق، والبعض الآخر إلى دول الغرب الأوربية حتى وصل بهم الترحال إلى الأمريكيتين، وعلى الرغم بما حلّ بهم إلا أنهم ظلوا محافظين على إيمانهم القويم ومحبتهم للكنيسة المقدسة وطاعتهم للرئاسة الكنسية، الأمر الذي أدى إلى تأسيس الأبرشيات والنيابات البطريركية والرعايا الجديدة.

3ـ مشكلة الكنيسة في الهند[13]:

بعد إقالة البطريرك عبد المسيح الثاني لإصابته بمرض عقلي استخدم ديونيسيوس كوركيس المحروم طرقاً ملتوية فاستقدم الأول إلى ملبار، فحلّ كوركيس من حرمه ورسم إيوانيس بولس جاثليقاً باسم باسيليوس كما سمّى آخرين مطارنة. كل ذلك خلافاً للشرع والقانون. وحاول البطاركة اللاحقون إحلال السلام في الكنيسة بالهند ولكن بدون جدوى ومنهم البطريرك القديس مار اغناطيوس الياس الثالث ومثلث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أفرام الأول برصوم, ولكن الأمور أخذت منحى آخر مختلف تماماً على أيام البطريرك مار اغناطيوس يعقوب الثالث. الذي قبل رئيس القسم المنشق باسم «الجاثليق مار باسيليوس كوركيس»، وبعد وفاته رسم لهم قداسته جاثليقاً «مار باسيليوس أوجين الأول» وفي عام 1970 انتخب ممثلو الجانبين المطران ماتيو أثناسيوس خلفاً للجاثليق أوجين الذي كان قد طعن بالسن، وتتوالى الأحداث والاضطرابات إلى أن قامت الدعاوة بين الجانبين. وقد أولى قداسة سيدنا البطريرك مار اغناطيوس زكا الأول عيواص المشكلة الهندية نصيباً كبيراً من اهتمامه إلى أن قررت المحكمة الهندية أن قداسة بطريرك أنطاكية السرياني هو بلا شك، رأس الكنيسة السريانية الجامعة. وهو روحياً أسمى مقاماً من الجاثليق. وأن كنيسة مالانكارا هي جزء لا يتجزأ من كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية.

الأحـداث الهامـة فـي القـرن العشريـن

- 1905 عزل البطريرك عبد المسيح الثاني.

1915 - وفاة البطريرك عبد الله صطوف.

1931 - مجمع دير مار متى الذي عقده البطريرك إلياس الثالث.

1932 - وفاة البطريرك مار إغناطيوس إلياس الثالث في الهند.

1933 - انتقال الكرسي الرسولي إلى حمص في عهد البطريرك أفرام برصوم.

1939 - تأسيس إكليريكية مار أفرام السرياني في زحلة ـ لبنان.

1953 - إكتشاف زنار العذراء في حمص في عهد البطريرك أفرام برصوم.

1954 - تبديل موعد عيد الميلاد ليصبح بحسب التقويم الغربي.

1957 - وفاة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الأول برصوم.

1959 - انتقال الكرسي إلى دمشق في عهد البطريرك يعقوب الثالث.

1960 - الكنيسة السريانية عضو في مجلس الكنائس العالمي.

1962 - المجمع الفاتيكاني الثاني، مَثّل الكنيسة السريانية فيه الأب الربان زكا عيواص.

1965 - مؤتمر أديس أبابا واتفاقية التعاون بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية.

1971 - زيارة البطريرك يعقوب الثالث إلى حاضرة الفاتيكان.

1980 - تنصيب قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص.

1981 - أول مجمع مقدس عقده قداسة البطريرك زكا الأول.

1984 - زيارة قداسة البطريرك زكا الأول إلى حاضرة الفاتيكان.

1990 - تأسيس رهبنة مار يعقوب البرادعي للعذارى.

1996 - تدشين دير مار أفرام السرياني ـ معرة صيدنايا.

2001 - زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى قداسة البطريرك زكا الأول.

2002 - رسامة المفريان مار باسيليوس توماس الأول.

2005 - الاحتفال باليوبيل الفضي لقداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص.

أخبار السريان


[1] ـ مقتطفة من خطاب نفيس بعنوان «هوية الكنيسة السريانية» الذي ألقاه بالإنكليزية قداسة سيدنا البطريرك في المؤتمر السنوي الخامس والعشرين لأبرشية الولايات المتحدة وكندا المنعقد في لوس أنجلوس سنة 1986، (المجلة البطريركية الدمشقية، العدد 61، كانون الثاني 1987، السنة 25، ص14).

[2] ـ السريان إيمان وحضارة، المطران اسحق ساكا، الجزء الرابع، ص135.

[3] ـ نفحات قداسة، قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، 1985، ص28.

[4] ـ المجلة البطريركية الدمشقية، العدد 42 تشرين الأول 1966، السنة الخامسة.

[5] ـ راجع المنشور البطريركي السامي الذي أصدره قداسته لإعلان قداستهم، المجلة البطريركية 2000.

[6] ـ السريان إيمان وحضارة، المطران اسحق ساكا، الجزء الخامس، ص296.

[7] ـ طاقات سريانية، المطران اسحق ساكا، 1997، ص153.

[8] ـ المجلة البطريركية الدمشقية، الأعداد 224و 225 و226، 2003، ص242.

[9] ـ المجلة البطريركية الدمشقية، الأعداد 224و 225 و226، 2003، ص245ـ 248.

[10] ـ المجلة البطريركية الدمشقية، العددان 229 و230، 2003، ص598ـ 606.

[11] ـ بحوث لاهوتية وتاريخية وعقائدية، لقداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، الجزء الأول، ص60.

[12] ـ المرجع السابق (ص78ـ 80).

[13] ـ للوقوف على تفاصيل مشكلة الكنيسة في الهند، يمكن الرجوع إلى البحث المسهب بعنوان «كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية ودعوى المنشقين عنها في ملبار ـ الهند» لقداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص الكلي الطوبى (بحوث لاهوتية وتاريخية وعقائدية، الجزء الثالث، ص157ـ 186)।

http://iframalsiriani.jeeran.com/

http://soffanieh.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق